Pages

الاثنين، ديسمبر 20، 2010

كنتُ في " مِـنى " 2


في محطةِ القطار  نظرتُ إلى مِـنى من ارتفاعٍ جيد ، رأيت الجموعَ طريقُها واحد ، إلى عرفات ، ذاكَ ماشٍ و ذاكَ راكبٌ و  ذاكَ ينتظر و كلهم يرددُ  " لبّيكَ اللّهم لبّيك " .
لفت نظري تلك اللحظة اجتماعُهم   و نفرتهم إلى عرفات !

سبحانَ الله !
لو أنَّ حاكمًا أمرَ أهلَ قريةٍ أن يخرجوا منها زرافاتٍ و وحدانًا ما  فعلوها بذاتِ التنظيمِ ، و ذاتِ الطريقة !

انطلقنا و في كل شبرٍ حاجٌ يذكرُ الله ، لما تحركَ القطارُ ضجّ المدى  " لبّيكَ اللّهم لبّيك "
نزلنا من المحطةِ و ارتحلنا  سعيًا على الأقدامِ إلى المخيم ، و الذي كان متاخمًا للمحطة ، كنتُ أتمنى  وقتها أن يبتعدَ قليلاً لأطيلَ التأمل  في مناظرِ الحجّاج .

أقمنا و كنا قد بيتنا النيّةَ أن نفترقَ فلا  يشغلنّ بعضنا بعضًا .. و ما أجملَ روحانية ذلكَ اليوم   ، و ما ألذّ  طعمه ؛

كنتُ أرفعُ يدي فلا أملكُ زمام لساني لأدعُ .. لا أملكُ إلا أدمعًا  هزها  الذنبُ ، و ترجو مغفرةَ الرَّب .
كنتُ أجتهدُ أن أخفيها ، فتنهمر رغمًا عني  .

تلكَ عرفات .. نسائمها قد حلقتْ بروحي  بعيدًا بعيدًا ..
كنتُ أشعرُ أنَّ الساعاتِ مرت سريعةً جدًا ، خصوصًا بعد صلاتي الظهر و العصر ، و لما دنت الشمسُ للغروبِ وقفتُ كما وقف رسول الله صلى اللهُ عليه و سلم يوم عرفةَ  أحسست أن موقفي هذا ، هو الموقفُ ذاته في حَجّة الوداع
بكيتُ كثيرًا ، أحسستُ أنَّ يوم عرفةَ انقضى و ما كنتُ أريد ذلك !
كانت الساعةُ الأخيرةُ   من أجملِ  ساعاتِ عمري  ، شعورٌ غريبٌ لا أعلمُ ما هو .. هو أكثر من الروحانية ، هو أسمى و أسمى
ما أعلمهُ أنه شعورٌ لا أُطيقُ لهُ وصفًا !
كم هو جميلُ أن تشعرَ أنكَ تدنو من الجنّةِ ، و كم هو جميلٌ أن تشعر أن الله ـ تعالى ـ يباهي بكَ ملائكته تلك اللحظة ..
و ما هو إلا حسنُ الظّنِ بالله ـ تعالى ـ  و أملٌ لا ينقطعُ في رحمتهِ التي وسعت كلّ شيء ..

غربتْ الشمسُ ، و ما سكنت عرفات ! و لا سكنت ألسنٌ تلهجُ بذكر الله ..
غربت الشمسُ و " لبّيكَ اللّهم لبّيك " تخرجُ من القلبِ و تستقرُ فيه !
أمّا في مُزدلفة ، فالروحُ  تسكنُ رحابَ الإيمان ، تمضي و كل خطوةٍ  تُدنيكَ من ذاكرٍ و شاكر و عابد .
و تغفو و تستيقظُ و ذاكَ الذكرُ يصدح ..

لا إله إلا الله ..

و ربي .. لو مزجتُ حلاوةَ تلكَ الأوقاتِ بماءِ البحرِ لأصبح عذبًا فراتًا سائغًا للشاربين !

ما أجملَ أن تعيشَ أيامًا كلها لله ، ذكرُ و طاعةٌ و قرآن ، و صلاةٌ ، و صلةٌ ، و تلبيةٌ ، و إحسان .

بقينا  بعد الرمي في مِـنى  أرضِ العابدينَ ، و مبيتِ الذّاكرين ، نُصبحُ و التكبيرُ يتردد ، و نغفو و ذاتهُ لا ينقطع .

حتى وقت الأمطار ، مساء اليوم الحادي عشرَ من ذي الحجّة ، و الرعدُ يزمجرُ في سمَاءِ مِـنى  فلا أسمع إلا " اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، لا إله إلا الله ، اللهُ أكبر ، اللهُ أكبر ، و لله الحمد "
هناكَ الروحُ تتعلقُ بأستارِ السماء ، و تعانقُ أسفار الغيم !

أمّا في بيتِ اللهِ العتيقِ ، فالحلاوةُ تتضاعفُ قيراطا ، و نظرةٌ إلى الكعبةِ تجلو كلَ همٍ صادي !

ذلك اليومُ لا يوصف .. هو لوحدهِ حكايةٌ مُدهشةٌ ، و ذكراهُ  في سويداء الفؤاد

اغتسلنا بالمطرِ ، و نحنُ سجودٌ للهِ في صلاةِ العصر ، بلحظةٍ كنا نسبحُ في  بحرٍ من  الرحمةِ  و المطر ، و يا لله ما أبهى تلكَ اللحظة ..

وقفتُ بعدَ الصلاةِ أدعو و الماء ينهمرُ انهمارا غزيرا ، و لولا أننا خشينا الإصابةَ لما تركنا  الساحةَ أبدًا ..

كنتُ أحاولُ أن أستغل تلكَ اللحظات ، فإجابةُ الدعاءِ فيها أحرى ، كيفَ و قدْ اجتمع  طيبُ المكانِ و الزمان
في بيتِ اللهِ ، و في الطوافِ ، و في أيام التشريقِ ، و تحتَ المطر .. تلكَ منحةٌ لا تجتمع لكثير !

و لعله كان مبشرًا بالقبول و التطهيرِ إن شاء الله  " ليطهركم به "
لمّا أنهيتُ السعي .. و انتهى الحج ..!
و لم ينتهِ الذكر و الطاعة ..

وقفتُ أدعو اللهَ بينَ الصَفا و المروة ، و وجهتُ  بصري إلى الكعبة ، وسألتُ الله القبول و الثبات .

أصدقكم .. تلك اللحظةُ وحدها أجمل و أسمى  ما مرّ علي طيلةَ أيام الحج ..
أجهشتُ بالبكاء حينها ، فالدمع الرقيق لا يعني شيئًا ,,

بكيتُ و لا أدري ما ذاكَ الشعور ..

كنتُ أودُ حينها أن أعودَ و أحج مرةً أخرى و أخرى  .. ما كنتُ أريدُ أن ينتهي ، و ما كنتُ أحسبُ أن روحي  ستتعلقُ بهِ إلى ذلكَ الحد .

جلستُ لما خشيتُ الإطالةَ على من معي   بالقربِ منهم ..

مرّ طيفُ الأيام الماضيةِ ببالي و عدتُ لأبكي ..

بكيتُ لأني سأفقدُ تلك الأيام ..

و بكيتُ لأني  سأغادرُ بيتَ اللهِ العتيق ..

و بكيتُ لأني بينَ يدي ربي  ، و قد أنعمَ علي و عصيته ، و تفضّل عليّ  و عصيته !

بكيتُ كرمه سبحانهُ و تعالى  ،  و بكيتُ سفهي و جهلي ، و إسرافي في أمري .

بكيتُ لأني سأعود و روحي  لا تزالُ معلقةً في الغمام .

آهٍ يا بيتَ الله .. و آهٍ يا مِـنى ..  و آهٍ يا عرفات .. و آهٍ يا مزدلفة ..

سكنتُكِ فأبقيتُ روحي بينَ ثراكِ .. و عُدت ! 



يتبع .. مشاهد و صور 
/


حكايا نجمة..!

الخميس، ديسمبر 16، 2010

كنتُ في " مِـنَـى " !


صباحُكم / مساؤكم  رحماتٌ تتوالى ..


:. من فضلِ ربي أن يسرَ لي  آداء فريضة الحجِ  عام 1431هـ .

و كم كانت تلكَ الرحلةٌ  قطعةً من الذهولِ ، وددتُ لو أنها تكونَ كل شهرٍ فأحظى بهَا كثيرًا ..

ذهبتُ و الشوقُ يحدوني ، و الروحُ تصّعدُ في سَماءِ الروحانية ..

لما أحرمتُ بالنُسُكِ ، و رتّلَ لساني و قلبي " لبّيكَ اللّهمَ لبّيكَ "بكيتُ فرحًا و شَوقًا ، فما عدتُ أدري ما أقول ! 

كانت نبضاتُ قلبي تسبقُني ، تمنيتُ أن " وادي مَحْرَمَ "  وقتها   قطعةً من "مِـنَـى " أرضِ الذّاكرينَ ، و مبيت العابدينَ " .

شَعرتُ أنَّ الطريقَ جِدُّ طويل ! 

و الشوقُ يجرفُني فلا أستطيعُ أن أُطيقه ..

تدّرجتُ مع " الهَــدَا " و أنا ألهجُ " لبّيكَ اللّهمَ لبّيكَ " و كأني بها تستقِرُ في السَّحَابِ ! 

كأني بالطيورِ حينَها تُغردُ فرحًا  لي و ابتهاجًا .

و تلكَ الشّمسُ تضّحكُ سُرورًا ..

رُبَّما تظنونَ أني أركبُ زورقَ المُبالغةِ  ، لكن .. و الذي لا إله إلا هو إنَّ كل حرفٍ  هو عُشْرُ العُشرِ  مما كنتُ أشعرُ بهِ .

وددتُ حينها أنَّ قلبي طائرٌ يطيرُ حيثُ يشاء ، كي يَصِلَ قبلي إلى بيتِ اللهِ العتيقَ .

كنتُ أرمقُ الطريقَ و أتمنى  أنّ للأشواقِ ساعيًا فينقلها  سريًعا ..

أحسستُ أن قلبي سيهربُ مني ! 


كُلما انخفضتُ  و بَدت لي مساحة ارتفعَ بصري ، و ردد لساني " سبحان اللهِ " .. كنتُ أرجو أن أرىَ مكّةَ ! فأروي ذلكَ الشوق !


و كأنها المرةُ الأولى التي أزورُ فيها مكةَ المكرمة  ، لكنه الحجُ و الشعور أني سأكونُ في ضيافةِ الرحمن الرحيم سُبحانه .

مضينَا  و أنَا يحملني الشوقِ و التَّوقِ  أرددُ " لبّيكَ اللّهمَ لبّيكَ " .

لمّا تبدت لنا " عرفاتُ " تغشاني الفَرْح ، فصمتُ قليلاً أتأمل .. هذه عرفاتُ اللهِ .. هذه عرفاتُ أرضُ المباهاةِ .. هذه عرفاتُ ساكنةُ القَلبِ ! 

مضينَا و التلبيةُ لا تنقطع ، حتى إذا شارفنَا على  " مِـنـى " و رأيتُ ما رأيتُ من الجُموعِ همى الدمعُ سخيًّا ..!


لم أكن أحلمُ وقتها ، لقدْ كنتُ بـمِـنـى !! 

مِـنـى التي رأيتُها عشراتِ المرّاتِ خاليةً ، و هي اليومَ تضُجُ بالناسِ ، و ألسنتُهم  بالتلبيةِ تلهج .

وقتها لم تكُ خطواتي على الأرضِ أبدًا .. إنها على ضِفافِ الغَمَام ! 

يا الله !! 

دهشةٌ و تأمل و نظرةٌ و ذكر .. سبحان الله ! 

كم من الخلقِ اجتمع .. ليذكر الله في أيامٍ معلوماتٍ ! 



.. يُتبع !



/


حكايَا نجْمَةٍ ..!



Powered By Blogger

كنتُ في " مِـنى " 2


في محطةِ القطار  نظرتُ إلى مِـنى من ارتفاعٍ جيد ، رأيت الجموعَ طريقُها واحد ، إلى عرفات ، ذاكَ ماشٍ و ذاكَ راكبٌ و  ذاكَ ينتظر و كلهم يرددُ  " لبّيكَ اللّهم لبّيك " .
لفت نظري تلك اللحظة اجتماعُهم   و نفرتهم إلى عرفات !

سبحانَ الله !
لو أنَّ حاكمًا أمرَ أهلَ قريةٍ أن يخرجوا منها زرافاتٍ و وحدانًا ما  فعلوها بذاتِ التنظيمِ ، و ذاتِ الطريقة !

انطلقنا و في كل شبرٍ حاجٌ يذكرُ الله ، لما تحركَ القطارُ ضجّ المدى  " لبّيكَ اللّهم لبّيك "
نزلنا من المحطةِ و ارتحلنا  سعيًا على الأقدامِ إلى المخيم ، و الذي كان متاخمًا للمحطة ، كنتُ أتمنى  وقتها أن يبتعدَ قليلاً لأطيلَ التأمل  في مناظرِ الحجّاج .

أقمنا و كنا قد بيتنا النيّةَ أن نفترقَ فلا  يشغلنّ بعضنا بعضًا .. و ما أجملَ روحانية ذلكَ اليوم   ، و ما ألذّ  طعمه ؛

كنتُ أرفعُ يدي فلا أملكُ زمام لساني لأدعُ .. لا أملكُ إلا أدمعًا  هزها  الذنبُ ، و ترجو مغفرةَ الرَّب .
كنتُ أجتهدُ أن أخفيها ، فتنهمر رغمًا عني  .

تلكَ عرفات .. نسائمها قد حلقتْ بروحي  بعيدًا بعيدًا ..
كنتُ أشعرُ أنَّ الساعاتِ مرت سريعةً جدًا ، خصوصًا بعد صلاتي الظهر و العصر ، و لما دنت الشمسُ للغروبِ وقفتُ كما وقف رسول الله صلى اللهُ عليه و سلم يوم عرفةَ  أحسست أن موقفي هذا ، هو الموقفُ ذاته في حَجّة الوداع
بكيتُ كثيرًا ، أحسستُ أنَّ يوم عرفةَ انقضى و ما كنتُ أريد ذلك !
كانت الساعةُ الأخيرةُ   من أجملِ  ساعاتِ عمري  ، شعورٌ غريبٌ لا أعلمُ ما هو .. هو أكثر من الروحانية ، هو أسمى و أسمى
ما أعلمهُ أنه شعورٌ لا أُطيقُ لهُ وصفًا !
كم هو جميلُ أن تشعرَ أنكَ تدنو من الجنّةِ ، و كم هو جميلٌ أن تشعر أن الله ـ تعالى ـ يباهي بكَ ملائكته تلك اللحظة ..
و ما هو إلا حسنُ الظّنِ بالله ـ تعالى ـ  و أملٌ لا ينقطعُ في رحمتهِ التي وسعت كلّ شيء ..

غربتْ الشمسُ ، و ما سكنت عرفات ! و لا سكنت ألسنٌ تلهجُ بذكر الله ..
غربت الشمسُ و " لبّيكَ اللّهم لبّيك " تخرجُ من القلبِ و تستقرُ فيه !
أمّا في مُزدلفة ، فالروحُ  تسكنُ رحابَ الإيمان ، تمضي و كل خطوةٍ  تُدنيكَ من ذاكرٍ و شاكر و عابد .
و تغفو و تستيقظُ و ذاكَ الذكرُ يصدح ..

لا إله إلا الله ..

و ربي .. لو مزجتُ حلاوةَ تلكَ الأوقاتِ بماءِ البحرِ لأصبح عذبًا فراتًا سائغًا للشاربين !

ما أجملَ أن تعيشَ أيامًا كلها لله ، ذكرُ و طاعةٌ و قرآن ، و صلاةٌ ، و صلةٌ ، و تلبيةٌ ، و إحسان .

بقينا  بعد الرمي في مِـنى  أرضِ العابدينَ ، و مبيتِ الذّاكرين ، نُصبحُ و التكبيرُ يتردد ، و نغفو و ذاتهُ لا ينقطع .

حتى وقت الأمطار ، مساء اليوم الحادي عشرَ من ذي الحجّة ، و الرعدُ يزمجرُ في سمَاءِ مِـنى  فلا أسمع إلا " اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، لا إله إلا الله ، اللهُ أكبر ، اللهُ أكبر ، و لله الحمد "
هناكَ الروحُ تتعلقُ بأستارِ السماء ، و تعانقُ أسفار الغيم !

أمّا في بيتِ اللهِ العتيقِ ، فالحلاوةُ تتضاعفُ قيراطا ، و نظرةٌ إلى الكعبةِ تجلو كلَ همٍ صادي !

ذلك اليومُ لا يوصف .. هو لوحدهِ حكايةٌ مُدهشةٌ ، و ذكراهُ  في سويداء الفؤاد

اغتسلنا بالمطرِ ، و نحنُ سجودٌ للهِ في صلاةِ العصر ، بلحظةٍ كنا نسبحُ في  بحرٍ من  الرحمةِ  و المطر ، و يا لله ما أبهى تلكَ اللحظة ..

وقفتُ بعدَ الصلاةِ أدعو و الماء ينهمرُ انهمارا غزيرا ، و لولا أننا خشينا الإصابةَ لما تركنا  الساحةَ أبدًا ..

كنتُ أحاولُ أن أستغل تلكَ اللحظات ، فإجابةُ الدعاءِ فيها أحرى ، كيفَ و قدْ اجتمع  طيبُ المكانِ و الزمان
في بيتِ اللهِ ، و في الطوافِ ، و في أيام التشريقِ ، و تحتَ المطر .. تلكَ منحةٌ لا تجتمع لكثير !

و لعله كان مبشرًا بالقبول و التطهيرِ إن شاء الله  " ليطهركم به "
لمّا أنهيتُ السعي .. و انتهى الحج ..!
و لم ينتهِ الذكر و الطاعة ..

وقفتُ أدعو اللهَ بينَ الصَفا و المروة ، و وجهتُ  بصري إلى الكعبة ، وسألتُ الله القبول و الثبات .

أصدقكم .. تلك اللحظةُ وحدها أجمل و أسمى  ما مرّ علي طيلةَ أيام الحج ..
أجهشتُ بالبكاء حينها ، فالدمع الرقيق لا يعني شيئًا ,,

بكيتُ و لا أدري ما ذاكَ الشعور ..

كنتُ أودُ حينها أن أعودَ و أحج مرةً أخرى و أخرى  .. ما كنتُ أريدُ أن ينتهي ، و ما كنتُ أحسبُ أن روحي  ستتعلقُ بهِ إلى ذلكَ الحد .

جلستُ لما خشيتُ الإطالةَ على من معي   بالقربِ منهم ..

مرّ طيفُ الأيام الماضيةِ ببالي و عدتُ لأبكي ..

بكيتُ لأني سأفقدُ تلك الأيام ..

و بكيتُ لأني  سأغادرُ بيتَ اللهِ العتيق ..

و بكيتُ لأني بينَ يدي ربي  ، و قد أنعمَ علي و عصيته ، و تفضّل عليّ  و عصيته !

بكيتُ كرمه سبحانهُ و تعالى  ،  و بكيتُ سفهي و جهلي ، و إسرافي في أمري .

بكيتُ لأني سأعود و روحي  لا تزالُ معلقةً في الغمام .

آهٍ يا بيتَ الله .. و آهٍ يا مِـنى ..  و آهٍ يا عرفات .. و آهٍ يا مزدلفة ..

سكنتُكِ فأبقيتُ روحي بينَ ثراكِ .. و عُدت ! 



يتبع .. مشاهد و صور 
/


حكايا نجمة..!

كنتُ في " مِـنَـى " !


صباحُكم / مساؤكم  رحماتٌ تتوالى ..


:. من فضلِ ربي أن يسرَ لي  آداء فريضة الحجِ  عام 1431هـ .

و كم كانت تلكَ الرحلةٌ  قطعةً من الذهولِ ، وددتُ لو أنها تكونَ كل شهرٍ فأحظى بهَا كثيرًا ..

ذهبتُ و الشوقُ يحدوني ، و الروحُ تصّعدُ في سَماءِ الروحانية ..

لما أحرمتُ بالنُسُكِ ، و رتّلَ لساني و قلبي " لبّيكَ اللّهمَ لبّيكَ "بكيتُ فرحًا و شَوقًا ، فما عدتُ أدري ما أقول ! 

كانت نبضاتُ قلبي تسبقُني ، تمنيتُ أن " وادي مَحْرَمَ "  وقتها   قطعةً من "مِـنَـى " أرضِ الذّاكرينَ ، و مبيت العابدينَ " .

شَعرتُ أنَّ الطريقَ جِدُّ طويل ! 

و الشوقُ يجرفُني فلا أستطيعُ أن أُطيقه ..

تدّرجتُ مع " الهَــدَا " و أنا ألهجُ " لبّيكَ اللّهمَ لبّيكَ " و كأني بها تستقِرُ في السَّحَابِ ! 

كأني بالطيورِ حينَها تُغردُ فرحًا  لي و ابتهاجًا .

و تلكَ الشّمسُ تضّحكُ سُرورًا ..

رُبَّما تظنونَ أني أركبُ زورقَ المُبالغةِ  ، لكن .. و الذي لا إله إلا هو إنَّ كل حرفٍ  هو عُشْرُ العُشرِ  مما كنتُ أشعرُ بهِ .

وددتُ حينها أنَّ قلبي طائرٌ يطيرُ حيثُ يشاء ، كي يَصِلَ قبلي إلى بيتِ اللهِ العتيقَ .

كنتُ أرمقُ الطريقَ و أتمنى  أنّ للأشواقِ ساعيًا فينقلها  سريًعا ..

أحسستُ أن قلبي سيهربُ مني ! 


كُلما انخفضتُ  و بَدت لي مساحة ارتفعَ بصري ، و ردد لساني " سبحان اللهِ " .. كنتُ أرجو أن أرىَ مكّةَ ! فأروي ذلكَ الشوق !


و كأنها المرةُ الأولى التي أزورُ فيها مكةَ المكرمة  ، لكنه الحجُ و الشعور أني سأكونُ في ضيافةِ الرحمن الرحيم سُبحانه .

مضينَا  و أنَا يحملني الشوقِ و التَّوقِ  أرددُ " لبّيكَ اللّهمَ لبّيكَ " .

لمّا تبدت لنا " عرفاتُ " تغشاني الفَرْح ، فصمتُ قليلاً أتأمل .. هذه عرفاتُ اللهِ .. هذه عرفاتُ أرضُ المباهاةِ .. هذه عرفاتُ ساكنةُ القَلبِ ! 

مضينَا و التلبيةُ لا تنقطع ، حتى إذا شارفنَا على  " مِـنـى " و رأيتُ ما رأيتُ من الجُموعِ همى الدمعُ سخيًّا ..!


لم أكن أحلمُ وقتها ، لقدْ كنتُ بـمِـنـى !! 

مِـنـى التي رأيتُها عشراتِ المرّاتِ خاليةً ، و هي اليومَ تضُجُ بالناسِ ، و ألسنتُهم  بالتلبيةِ تلهج .

وقتها لم تكُ خطواتي على الأرضِ أبدًا .. إنها على ضِفافِ الغَمَام ! 

يا الله !! 

دهشةٌ و تأمل و نظرةٌ و ذكر .. سبحان الله ! 

كم من الخلقِ اجتمع .. ليذكر الله في أيامٍ معلوماتٍ ! 



.. يُتبع !



/


حكايَا نجْمَةٍ ..!