صباحُكم / مساؤكم رحماتٌ تتوالى ..
:. من فضلِ ربي أن يسرَ لي آداء فريضة الحجِ عام 1431هـ .
و كم كانت تلكَ الرحلةٌ قطعةً من الذهولِ ، وددتُ لو أنها تكونَ كل شهرٍ فأحظى بهَا كثيرًا ..
ذهبتُ و الشوقُ يحدوني ، و الروحُ تصّعدُ في سَماءِ الروحانية ..
لما أحرمتُ بالنُسُكِ ، و رتّلَ لساني و قلبي " لبّيكَ اللّهمَ لبّيكَ "بكيتُ فرحًا و شَوقًا ، فما عدتُ أدري ما أقول !
كانت نبضاتُ قلبي تسبقُني ، تمنيتُ أن " وادي مَحْرَمَ " وقتها قطعةً من "مِـنَـى " أرضِ الذّاكرينَ ، و مبيت العابدينَ " .
شَعرتُ أنَّ الطريقَ جِدُّ طويل !
و الشوقُ يجرفُني فلا أستطيعُ أن أُطيقه ..
تدّرجتُ مع " الهَــدَا " و أنا ألهجُ " لبّيكَ اللّهمَ لبّيكَ " و كأني بها تستقِرُ في السَّحَابِ !
كأني بالطيورِ حينَها تُغردُ فرحًا لي و ابتهاجًا .
و تلكَ الشّمسُ تضّحكُ سُرورًا ..
رُبَّما تظنونَ أني أركبُ زورقَ المُبالغةِ ، لكن .. و الذي لا إله إلا هو إنَّ كل حرفٍ هو عُشْرُ العُشرِ مما كنتُ أشعرُ بهِ .
وددتُ حينها أنَّ قلبي طائرٌ يطيرُ حيثُ يشاء ، كي يَصِلَ قبلي إلى بيتِ اللهِ العتيقَ .
كنتُ أرمقُ الطريقَ و أتمنى أنّ للأشواقِ ساعيًا فينقلها سريًعا ..
أحسستُ أن قلبي سيهربُ مني !
كُلما انخفضتُ و بَدت لي مساحة ارتفعَ بصري ، و ردد لساني " سبحان اللهِ " .. كنتُ أرجو أن أرىَ مكّةَ ! فأروي ذلكَ الشوق !
و كأنها المرةُ الأولى التي أزورُ فيها مكةَ المكرمة ، لكنه الحجُ و الشعور أني سأكونُ في ضيافةِ الرحمن الرحيم سُبحانه .
مضينَا و أنَا يحملني الشوقِ و التَّوقِ أرددُ " لبّيكَ اللّهمَ لبّيكَ " .
لمّا تبدت لنا " عرفاتُ " تغشاني الفَرْح ، فصمتُ قليلاً أتأمل .. هذه عرفاتُ اللهِ .. هذه عرفاتُ أرضُ المباهاةِ .. هذه عرفاتُ ساكنةُ القَلبِ !
مضينَا و التلبيةُ لا تنقطع ، حتى إذا شارفنَا على " مِـنـى " و رأيتُ ما رأيتُ من الجُموعِ همى الدمعُ سخيًّا ..!
لم أكن أحلمُ وقتها ، لقدْ كنتُ بـمِـنـى !!
مِـنـى التي رأيتُها عشراتِ المرّاتِ خاليةً ، و هي اليومَ تضُجُ بالناسِ ، و ألسنتُهم بالتلبيةِ تلهج .
وقتها لم تكُ خطواتي على الأرضِ أبدًا .. إنها على ضِفافِ الغَمَام !
يا الله !!
دهشةٌ و تأمل و نظرةٌ و ذكر .. سبحان الله !
كم من الخلقِ اجتمع .. ليذكر الله في أيامٍ معلوماتٍ !
.. يُتبع !
/
حكايَا نجْمَةٍ ..!